أوربا من نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أزمة 1929 م

أوربا من نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أزمة 1929 م 


مقدمة : 

أدى التنافس الإمبريالي إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى ( 1914 ــ 1918 ) و قد مرت بمرحلتين أساسيتين مخلفة نتائج متعددة ، كما شهدت أوربا تحولات عميقة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى إلى غاية أزمة 1929 .

I - مرت الحرب العالمية الأولى بمرحلتين مخلفة نتائج متعددة : 

1 ــ مراحل الحرب العالمية الأولى : 

المرحلة الأولى (1917 ــ 1914) 

تميزت هذه المرحلة بانتصار ألمانيا على الحلفاء و قد استخدمت فيها حرب الخنادق كما استعملت أسلحة متطورة ، و قد اندلعت الثورة العربية الكبرى سنة 1916 م ضد الحكم العثماني بتشجيع إنجلترا .

المرحلة الثانية (1918 ــ 1917) 

تميزت هذه المرحلة بانسحاب روسيا من الحرب على إثر ثورة أكتوبر 1917 بزعامة لينين كما دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانب الحلفاء فحققو بذلك انتصارا كبيرا على ألمانيا و حلفائها و انتهت الحرب . 

2 ــ خلفت الحرب العالمية عدة نتائج : 

النتائج البشرية : 
خلفت الحرب العالمية الأولى عددا كبيرا من القتلى و الجرحى و المعطوبين و المرضى فانخفضت نسبة الولادات كما تغيرت بنية السكان من خلال ارتفاع نسبة النساء و الشيوخ و بذلك تزايد دور المرأة الإقتصادي و الإجتماعي .

النتائج الإقتصادية : 
انهار الإقتصاد الأوربي حيث انخفض الإنتاج الفلاحي و الصناعي فالتجأت الدول إلى القروض خصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية فتحولت من دول دائنة قبل الحرب إلى دول مدينة بعدها .

النتائج الإجتماعية : 
خلفت الحرب نقصا كبيرا في المنتوجات الغدائية و الإستهلاكية فانتشرت المجاعات و الفقر و البؤس خصوصا بعد ارتفاع نسبة التضخم المالي .

النتائج السياسية : 
ــ فرضت الدول المنتصرة معاهادات بشروط قاسية على الدول المنهزمة و خصوصا معاهدة فرساي على ألمانيا و التى تضمنت غرامة مالية كبيرة و اقتطاع أراضي منها و منعها من التسلح ، كما وقعت معاهادات أخرى كمعاهدة سان جرمان مع النمسا و معاهدة نويى مع بلغاريا و معاهدة سيڤو مع الإمبراطورية العثمانية .
ــ طرأت تغيرات على الخريطة السياسية لأوربا حيث ظهرت دول جديدة بولونيا ، يوغوسلاڤيا كما تقلصت مساحة الدول المنهزمة .
ــ انهارت الإمبراطوريات التقليدية كالإمبراطورية النمساوية الهنغارية و الإمبراطورية الألمانية ...
ــ انعقاد مؤتمر السلام بباريس الذي ارتكز على مبادئ ويلسون و قد نتج عن ذلك ظهور منظمة دولية و هي عصبة الأمم هدفها تحقيق السلم في العالم . 

II - شهدت أوربا تحولات هامة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أزمة 1929 : 

1 ــ قامت الثورة البلشفية في أكتوبر 1917 بروسيا و قد واجهت عدة صعوبات : 

تزعم لينين ثورة أكتوبر الإشتراكية و قد أصدر مجموع المراسيم لتدعيم أسس الثورة منها :


  • مرسوم حول السلم : لإيقاف الحرب مع ألمانيا و التخلي لها عدة مناطق .
  • مرسوم حول الأرض : تضمن تأميم الأراضي و الممتلكات الخاصة بدون تعويض .
  • مرسوم حول القوميات : ينص على مساواة و سيادة شعوب روسيا و حقها في تقرير المصير .
ــ واجهت الثورة الإشتراكية الحرب الأهلية (1918 ــ 1921) قادها معارضون للثورة تدعمهم دول أجنبية رأسمالية فانهار الإقتصاد الروسي و انتشرت المجاعات و الأوبئة و أصبحت الثورة مهددة بالزوال إلى أن تمكن الجيش الأحمر من القضاء على المعارضة الداخلية و التدخل الأجنبي و إنقاد الثورة .

2 ــ واجهت فرنسا مشاكل متعددة بعد الحرب العالمية الأولى : 

انهار الإقتصاد الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى فارتفعت أسعار المنتوجات الإستهلاكية نتيجة التضخم المالي فتضررت الفئات الشعبية على الخصوص حيث اشتعلت الإطرابات و المظاهارات العمالية ، أما على المستوى السياسي فقد أسفرت الإنتخابات التشريعية عن ظهور حكومات إئتلافية ضعيفة و عاجزة عن حل المشاكل الإقتصادية و الإجتماعية .

3 ــ شهدت كل من إيطاليا و ألمانيا تحولات عميقة بعد الحرب العالمية الأولى : 

أ ــ إيطاليا : 
عجز الإقتصاد الإيطالي عن تأمين حاجيات البلاد خلال الحرب فازدادت و ثيرة الإستيراد و ارتفع العجز التجاري و الدين الخارجي كما انخفضت العملة و الأجور و القدرة الشرائية فانعكس ذلك على الوضعية الإجتماعية و السياسية .

* على المستوى الإجتماعي : اشتعلت الإضرابات العمالية وصلت حد استيلاء العمال على بعض المصانع بقوة السلاح .
* على المستوى السياسي : تعزز الحزب الوطني الفاشي بزعامة موسوليني Mussolini الذي استعمل أسلوب القوة للوصول إلى الحكم ، فعينه الملك فيكتور إيمانويل الثالت على رأس الحكومة الإيطالية فحول البلاد إلى دولة دكتاتورية (كليانية) .

ب ــ ألمانيا : 
حكمت جمهورية ڤيمار ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى و قد واجهت مشاكل اقتصادية و اجتماعية انعكست على المستوى السياسي حيث اندلعت ثورة السبارطاكيين (الشيوعيين) بزعامة كارل ليبنيرت لقد كان مالها الفشل ، كما تعززت الأحزاب اليمينية المتطرفة كالحزب النازي الذي استفاد من مخلفات الحرب العالمية الأولى و الأزمة الإقتصادية العالمية ليوسع قاعدته السياسية فعين الرئيس الألماني هندنبرغ مستشارا للرايخ الألماني (هيتلر) و بعد وفاة هندنبرغ ، جمع هيتلر بين منصبي الرئيس و المستشار و حول ألمانيا إلى دولة ديكتاتورية . 
هيتلر == مستشار 

4 ــ انطلقت الأزمة الإقتصادية من الولايات المتحدة الأمريكية لتشمل باقي البلدان الرأسمالية و خاصة الأوربية : 

ــ ضربت الأزمة الإقتصادية الولايات المتحدة الأمريكية يوم الخميس الأسود 24 أكتوبر 1929 عندما انهارت قيمة الأسهم في بورصة وال ستريت ، فانهارت جميع القطاعات الإقتصادية ، كما انتقلت هذه الأزمة إلى البلدان الرأسمالية و خاصة الأوربية منها عندما استردت المؤسسات المالية الأمريكية قروضها و سحبت رساملها منها .
ــ مست الأزمة ألمانيا و النمسا مبكرا لارتباطهما الكبير بالقروض الأمريكية لكنها تأخرت نسبيا في فرنسا و بدرجة أقل و ذلك لضعف ارتباط فرنسا بالقروض الأمريكية و توفرها على مستعمرات .
ــ تعددت مظاهر الأزمة الإقتصادية في أوربا حيث أفلست الأبناك و انهار الإقتصاد و الأسعار و ارتفعت معدلات البطالة و اندلعت الإضطرابات العمالية ، و سياسيا ، تعززت الأحزاب اليمينية المنطرفة كالحزب النازي و الأحزاب الشيوعية .

خاتمة : 
ساهم التنافس الإمبريالي في اندلاع الحرب العالمية الأولى و التي كان من مخلفاتها ظهور أنظمة ديكتاتورية نهجت سياسة التوسع لحل أزمتها الإقتصادية فاندلعت الحرب العالمية الثانية .

أوربا من نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أزمة 1929 م 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق